{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)}قوله: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ} [106] يعني تبيض وجوه المؤمنين بنور إيمانهم، {وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [106] الكافرين بظلم كفرهم. وسئل عن قوله: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة: 61] فقال: هذه الأجسام الغرض منها ما أودع اللّه فيها من الودائع، ابتلى اللّه الخليقة بها، فمنها ما هو اعتبار للطائعين وهو الكفر، ومنها ما هو حجة على الغافلين، وهو المعرفة والتصديق في الأقوال والأفعال، كما قال: {وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: 1] فباطن هذه الآية: النور العلم، والظلمات الجهل، لقوله: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] أي ما يستبصر به القلب الإيمان باللّه، فنور الإيمان من أعظم منن اللّه عزّ وجلّ وكراماته. والثاني الطيب من القول، وهو قوله تعالى: {تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ} [64] الآية.والثالث إطاعة بالجوارح خالصا للّه، من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والقنوع والرضا، فدعاهم بذلك إلى أطيب القول وأحسن الفعال، ولو لم يكن الإيمان باللّه والقرآن الذي هو علم اللّه فيه الدعوة إلى الإقرار بالربوبية والتعبد إياه في الفزع، لم تعرف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من أجابهم من الخلق.